وصل سعيد إلى البيت منهكاً من العمل وجائعاً ولكنه فوجئ بزوجته تعتذر منه قائلة بأنها:" انشغلت في متابعة المسلسل التركي ونسيت الطبخ تماسك سعيد وسيطر على أعصابه
وسأل الزوجة :
طيب يا بنت الحلال المسلسل ساعة واحدة فقط وانتهى منذ أكثر من ساعتين فلما لم تطبخي أي شيء بعدها" .
أقطبت الزوجة جبينها وقالت :
نعم معك حق يا حبيبي ولكن البطل في حلقة اليوم ترك حبيبته النذل الخاين الحقير ومن عصبيتي رفعت السماعة وصرت أتناقش أنا وبنت خالتي عن الموضوع وعن غدر الرجال وما "شفت" إلا وقد مرت ساعتين ونحن نتكلم .
غضب سعيد واحمر وجهه وقال :
يعني لا غداء وأيضا فاتورة تلفون بالشيء الفلاني وفوق هذا كله تخوين وشتيمة "ياسعدي وياهناي" والعمل يا ملكة الرومانسية ومدافعة حقوق العشاق عبر البحار ؟ ماذا سنأكل اليوم ؟
قالت الزوجة بلا مبالاة :
لا تجعل منها مشكلة كبيرة يا سعيد يمكنك أن تطلب( ديليفري ) بيتزا اليوم ويكون تنويع وفائدة .
قال سعيد وهو يرفع سماعة الهاتف :
ديليفري ؟؟ سنتغذى بالانجليزي ؟ نعم تنويع وفائدة !! ولكن فائدة لجيب محل البيتزا وليس لي .
طلب سعيد "البيتزا" وبعد نصف ساعة رن جرس الباب وعندما فتحه سعيد كان عامل التوصيل يقف مبتسما حاملا "البيتزا" بيده وكأنه فارس يحمل سيفه استلم سعيد "البيتزا" وفتحها للتأكد من محتوياتها فإذا بصورة كبيرة لمرشح الانتخابات النيابية على مساحة العلبة استغرب سعيد وسأل عامل التوصيل عن سبب وجود الصورة في طعامه فأجاب الأخير مبتسما بأنها خدمة توصيل جديدة حيث يتعاقد المرشحين مع محلات "البيتزا" لتوصيل دعايتهم الانتخابية .
ضحك سعيد وقال :
يعني لا يكفي أن السادة المرشحين موجودين أمامنا في التلفزيون والصحف وعلى الباصات وعلى الحيطان والآن أيضاً في "البيتزا" !! والغريب أن الواحد منهم حالما يفوز يصبح خفيا عن الأنظار ولا يستطيع أحد رؤيته ولا حتى بالتلسكوب المهم كم الحساب ؟
ابتسم العامل وقال :
لحظة من فضلك يا سيدي فلدينا خدمة أخرى نقدمها لك فقد قررت وزارة الصحة أن يتم تسليم الأدوية إلى البيوت بدلا من الذهاب إلى الصيدليات ولذلك فقد تعاقدت عدة شركات أدوية وصيدليات معنا لتوصيل أدويتها إلى البيوت .
وفتح العامل صندوقا يحمله وأشار إلى محتوياته وقال :
أدوية ضغط أدوية زكام أدوية قلب ( ثم أردف وهو يغمز بعينه ) عندنا أيضا "فياغرا" تُسر القلب وتخليك أسد .
ضحك سعيد وقال :
لا دخيلك لا أريد أن أكون( أسد) فسمعته في الحضيض هذه الأيام خليني قط أشرف لي .
ثم أردف :
أليس صرف الدواء بحاجة إلى صيدلي ؟ كيف تبيعونه بهذا الشكل ؟
أخرج العامل ورقة وأعطاها لسعيد بكل فخر :
لقد وضعت شركة الأدوية برنامجا تدريبيا لكل عمال توصيل "البيتزا" مدته 3 أسابيع ونحن الآن مؤهلين تماما لصرف أي دواء !!
ضحك سعيد وقال :
والله "كويس" 3 أسابيع وتصبح صيدلي ؟ هذه أسرع من الشهادات التي تباع على الانترنت المهم هل لديك أي خدمات أخرى توصلها ؟
قال العامل بثقة :
حاليا لا ولكن محل "البيتزا" الذي أعمل فيه بصدد التفاوض مع مصلحة الجوازات كي يتم تسليم الجوازات عبر محلنا !! ونفس الشيء مع رخص البناء وشهادات الميلاد !!
دفع سعيد مبلغ "البيتزا" وهو يضحك وقال لزوجته :
أبشري العالم صار عنده حكومة الكترونية وأمّا نحن فقد صارت لدينا حكومة "ديليفري" !!.
المصدر : فلسطين الان